القائمة الرئيسية

الصفحات

تلخيص الفصل السادس من قراءة ثانية لشعرنا القديم: نحو مبدأ عظيم

 الفصل السادس: نحو مبدأ عظيم

في هذا الفصل ينطلق الناقد من قصيدة الشاعر الحادرة في عينيته التي مطلعها:

                   بكرت سمية بكـــرة فتمتـــع              وغدت غــدو مفارق لم يربــــع

إن هذه القصيدة معدودة من مختار الشعر. بدأها الشاعر  بالغزل والنسيب، ثم انتقل بعد ذلك إلى الفخر بالوفاء والنجدة ومعاناة الحروب، وحفظ الدماء، ويذكر الخمر ومجلسها، وتجشمه الأسفار، و ينهيها بوصف الناقة. وهذه القصيدة مازالت تثير إشكاليات وصعوبات في القراءة. وحينما" نقرأ القصيدة أكثر من مرة نواجه – يقول مصطفى ناصف- موقفا صعبا. وإنني أصدقك الحديث حين أقول إن شروح القدماء وما يشبهها غير كافية. وقد تكون لدى الحادرة تجارب خاصة. وقد يكون هناك ما نسميه باسم الصدق. ولكن هذه التجارب في صورتها الساذجة التي نقدمها عن القصائد خليقة بالشك. والناس يعنون بالشعر من أجل أشياء أولى وآثر من الشواغل الفردية والتجارب التي يولع بها المحروم والجائع."
و يبدو من خلال القصيدة أن الظاهرة الشعرية ليست فردية بل ظاهرة جماعية. إذ تحضر سمية في النص رمزا من رموز الذاكرة الجماعية. فالمرأة ( سمية) ترتبط بصورة الجلال والجمال والغزال والسحاب الممطر المخصب. ومن ثم، تتحول سمية إلى رمز من رموز المديح لتعلقها على الخصوص بفكرة الغزال. ويعني هذا أن القصيدة  تحمل معاني أنتروبولوجية وأسطورية رمزية عميقة ومعاني سطحية ظاهرة للناس. أي إن للقصيدة الجاهلية مستويين: مستوى ظاهري يقدم لعامة الناس ومستوى باطني ينبغي تأويله رمزيا وأسطوريا من أجل استخلاص الثوابت المتعالية المشتركة بين جميع الناس في أشكال شعائر طقوسية، كما يدل مقطع شرب الفتيان للخمرة على ورغبتهم في إحياء فكرة البطل وتمثيلهاثم تأتي رحلة الحادرة لتشبه في رأي الدكتور ناصف شعيرة من شعائر البحث عن مبدأ في الصحراء بحث المعرض للتيه والضلال، ولكنه لا يقف وإنما يظل دائما تواقا إلى فكرة الحج باحثا عن الحقيقة ، وفي ختام هذه الملاحظات يذكر الناقد بأن الفن العظيم يتميز بميزة خاصة فهو ينقل إلى كثيرين معنى سطحيا واضحا ويحفظ للقليلين بمجموعة أكمل من الأعماق وقد كانت هذه الثنائية وستظل سمة الفن العميق".

تعليقات