العتـــــــــــــبـــــــات:
1ـ عتبة المؤلف:
طه حسين: أديب وناقد مصري كبير، يلقب بعميد الأدب العربي، ولد في مصر سنة 1889م، من أسرة متدينة محافظة تحب العلم والعمل كثيرا. فقد بصره نهائيا وهو في الثالثة من عمره، فكان ذلك سببا لمعاناة لازمته طيلة حياته، غير أنها لم تقف عائقا أمام تحقيقه لطموحاته. فقد أرسله والده إلى الكتاب لحفظ القرآن الكريم وفق التقاليد التي كانت سائدة في ذلك الوقت، وعندما ختمه أبهر الجميع بسرعة حفظه وشدة ذكائه، فانتقل إلى جامعة الأزهر بالقاهرة، حيث أظهر هناك تفوقا كبيرا في الدراسة وحب العلم، وامتلك ناصية الحوار والجدل والمناظرة. وقد حصل طه حسين على الدكتوراه في الأدب العربي القديم حول ذكرى أبي العلاء المعري. وبعد ذلك أرسل في بعثة إلى فرنسا لمتابعة دراساته الجامعية العليا، وهناك تعرف على حضارة الغرب وانبهر بها انبهارا إيجابيا.
كان طه حسين على غرار كبار الأدباء والمفكرين في عصره، كاتبا موسوعيا، لم يترك مجالا إلا وساهم فيه بقسط وافر. لقد كتب في النقد الأدبي، والإسلاميات، والنقد الاجتماعي، وفي التاريخ والسياسة، والإبداع السردي (قصص ـ روايات)، وترك آثارا كثيرة في شتى حقول المعرفة، ومن بين هذه الأعمال نذكر:
ـ في الأدب الجاهلي ـ في الشعر الجاهلي ـ حديث الأربعاء ـ قادة الفكر - على هامش السيرة ـ مع أبي العلاء في سجنه ـ أحاديث ـ الأيام ـ المعذبون في الأرض... وقد توفي طه حسين سنة 1973
2ـ عتبة العنوان:
ـ عنوان النص الموجود، بين أيدينا، بسيط وفي منتهى الوضوح. لأن كلمة "أديب" خبر لمبتدإ محذوف تقديره هذا أو هو. و"أديب" هو المشتغل بالأدب عموما، سواء كان ينتج الخطاب الأدبي (المبدع)، أو مهتما بدراسته والبحث فيه (الناقد الأدبي).
إن عنوان هذا النص "أديب" يفتح أمامنا إمكانات عديدة لتوقع جملة من العناصر، تتصل بالهوية أو الحياة الداخلية لهذه الشخصية ذات الوضع الاعتباري الخاص في المجتمع: أي الشخصية التي تشتغل بالأدب وتنتج خطابات أدبية نتطلع دائما إلى قراءتها. فهل ستتحقق لنا كل هذه التوقعات؟ وهل سيجيب النص عن كل هذه التساؤلات وسواها؟ ذلك ما يمكننا التأكد منه خلال عملية القراءة.
3 ـ التعريف بفن السيرة:
السيرة هو ذلك الفن الذي يتناول حياة شخص أو أكثر وهي أنواع:
السيرة الذاتية:
هي فن أدبي يحكي فيه الكاتب عن حياته - أو جزء منها- وقد يعترف بالأخطاء التي ارتكبها في مرحلة ما من حياته. وغالبا ما يقدم الكاتب ميثاقا للترجمة الذاتية يعد فيه القارئ أن يقول الحقيقة عما عاشه هو بالذات. وتكتب السيرة الذاتية بضمير المتكلم، مع تحديد الحدث أو الأحداث، الزمان، المكان... و يكون فيها الكاتب هو الشخصية الرئيسية أو البطل...
2ـ السيرة الغيرية:
هي أن يكتب المؤلف عن شخصية أخرى، وهو في هذه الحالة يتمثل تلك الشخصية في البيئة والزمان، اللذين عاشت فيهما، معتمدًا على الذاكرة أو المشاهدة، ملتزمًا الحياد فيما يكتب.
و هي تناول حياة شخص جدير بالاهتمام، له مكانة في المجتمع، أو حقق إنجازات...
وبالتالي، فالكاتب يكتب عن غيره باستعمال ضمير الغائب (هو/هي)، مع تحديد وتنظيم الأحداث، وضبط علاقة البطل بالشخصيات الأخرى، واستحضار الزمان والمكان، وتوظيف السرد والوصف، مع توخي الدقة والموضوعية والحياد في نقل الأحداث والوقائع، كما أنه ملزم بتعديد مصادره عن الشخصية.
3 ـ السيرة الروائية:
مدارها عن تطور شخصية رئيسية، لكن هذه الشخصية بعيدة عن ذات الكاتب بعدا يمنعه من أن يعتبرها صورة منه، إضافة إلى أنها تكون عادة مكتوبة بضمير الغائب.
4 ـ المؤشرات النصية الدالة على الجنس الأدبي للمؤلَّف:
الضمير: " وكنت أريد أن أكون شيخا من شيوخ الأزهر" ص 41،42"
"فقد عرفته في القاهرة قبل أن يذهب إلى باريس، ثم أدركته في باريس بعد أن سبقني إليها" ص13
نلاحظ في ما سبق استعمال السارد ضميري "المتكلم" و"الغائب"، إلا أنه وظف ضمير الغائب بكثرة.
الشخصية المركزية:
"كان قبيح الشكل، نابي الصورة، تقتحمه العين ولا تكاد تثبت فيه، وكان على القصر أقرب منه إلى الطول، وكان على قصره عريضا ضخم الأطراف"
استنتاج:
إن مؤلف " أديب" أقرب إلى السيرة الروائية منه إلى السيرة الذاتية أو الغيرية، فالشخصية المحورية فيه غير شخصية الكاتب طه حسين، كما أن الضمير المهيمن على المؤلَّف هو ضمير الغائب، بالإضافة إلى أن الشخصية المركزية وردت خالية من كل اسم يحدد هويتها، ووصفها وصف يغلب عليه الطابع الخيالي.
إذن يندرج المؤلف ضمن فن السيرة الروائية ويعني هذا أن أديب سيرة أدبية فنية لكنها ترجمة غيرية يتولى فيها الكاتب ترجمة الحياة الشخصية لصديقه الذي يمارس حرفة الأدب ويعيش بها، ولكن هذه السيرة يتداخل فيها:
ما هو ذاتي: أي أن النص سيرة للذات الكاتبة وهو حاضر بأسلوبه وضميره وتعليقاته وكل المؤشرات التلفظية التي تحيل إليه هذه السيرة.
وما هو غيري: أي أن النص سيرة تكشف عن تفاصيل حياة شخصية أخرى غير الذات الكاتبة، وهي شخصية صديق الكاتب والذي أشار إليه بصفته "أديب".
تعليقات
إرسال تعليق